تميزت ساحة الإقتصاد العالمي في الربع الأخير من القرن 20 بجملة من التحولات أثرت على مختلف إقتصاديات الدول بشكل متفاوت، و للتصدي لديناميكية هذه التغيرات يتوجب على المؤسسة تبني مبدأ التنافسية من أجل ضمان بقائها و استمرارها و ذلك بتحسين الإنتاجية و زيادة فعالية أنشطتها التسويقية، كما يستلزم عليها انتهاج سياسات و استراتجيات مبنية على الأداء المتميز لتحقيق مزايا تنافسية مستدامة.
و في الواقع العملي المعاصر أين توجد الأسواق المفتوحة و التأثيرات الحادة بين المؤسسات و تفاقم التعقيد البيئي الذي أدى إلى تزايد الإهتمام بالتحليل و التشخيص البيئي بهدف التكييف بين الإمكانيات الداخلية من نقاط القوة و الضعف و المتطلبات الخارجية من فرص و تهديدات بيئة المؤسسة.
و ما يمكن قوله أن الأداء المتميز و القدرة التنافسية و عامل البيئة عوامل تربطها علاقة وطيدة، ذلك لما تجسده من إستراتيجية لمواجهة التيارات التنافسية المتطورة و تحديد النجاح أو فشل المؤسسة.
و من خلال ما سبق و بتسليط الضوء على المؤسسات الجزائرية يمكن القول أنه لا يمكنها في خضم التطورات أن تبقى في معزل عن تأثير هذه التغيرات السريعة خصوصا مع تطبيق سياسة إقتصاد السوق مع بداية التسعينات و ارتقاب انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية. بالإضافة إلى توقيعها لإتفاقية الشراكة مع الإتحاد الأوروبي مما يعني الإلتزام بالقواعد التجارية ، الأمر الذي يحتم على المؤسسة الجزائرية السعي من أجل تحقيق قدرات تنافسية و ميزة مستدامة.
و من هنا لا يسعنا إلا صياغة الإشكالية التالية:
كيف يمكن للمؤسسة اكتساب قدرة تنافسية تمكنها من تحقيق البقاء و النمو في ظل التحولات البيئية ؟
و هذه الإشكالية تتفرع عنها عدة تساؤلات تكمن فيما يلي:
- ما مدى فعالية البيئة في تحديد الميزة التنافسية ؟
- هل للبيئة و تنافسية المؤسسة دور في تحديد الميزة التنافسية ؟
- ما هي الإستراتيجيات اللازمة من أجل تحقيق ميزة تنافسية ؟
الفرضية :
و للإجابة على هذه الإشكالية نقترح الفرضية التالية :
صياغة إستراتيجية مرنة تتكيف مع التغيرات البيئية.
اختيار الموضوع :
تختلف أسباب اختيار هذا الموضوع إلى أسباب موضوعية و أخرى ذاتية فتتمثل هذه الأخيرة في شمولية الموضوع على جميع و ظائف المؤسسة و محاولة الإلمام بجميع المعلومات الخاصة بمحيطها، أما الدوافع الموضوعية فتجسدها توجيهات المؤسسة التي استطاعت اكتساب ميزة تنافسية لإستعابها إستراتيجية واضحة.
أهداف الدراسة :
- الدراسة الجيدة لتغيرات بيئة المؤسسة.
- رفع الغموض على الميزة التنافسية باعتبارها مفهوم متعدد الأبعاد.
- يمكن للتنافسية احتلال أحسن المواقع على الصعيدين المحلي و الدولي.
ان تحسين و تطوير الأداء و تجديد المؤسسات لم يعد أمرا اختياريا و لكن أصبح شرطا جوهريا بالامكان البقاء و الاستمرار و عدم الانتظار لذا كان الاهتمام في هذا العصر بقضية تطوير الاداء من خلال تكوين و تدعيم القدرات التنافسية و هذا الحال بالنسبة لمؤسستنا حيث ان اكتساب المزايا التنافسية أصبح من الضروريات خصوصا في ظل انفتاح السوق الوطنية للمنافسة الخارجية و بالاخص في حالة انضمام الجزائر للمنظمة العالمية للتجارة .
ان البيئة التنافسية للمؤسسة الاقتصادية تشهد اليوم العديد من التقلبات و التطورات و من هنا و لكسب رهان التحدي فإنه ليس أمام المؤسسة حتى تضمن استمراريتها قبل التفكير في كسب اسواق خارجية الا ان تعتمد على استراتيجية تنافسية واضحة المعالم محددة الأهداف و التي شمل جميع المجالات و المستويات .
ان الجزائر قد انجزت منذ استقلالها نسيجا صناعيا معتبرا الا ان هذه الصناعة في جانبها العام و الخاص تواجه صعوبات كبيرة كسوء استغلال طاقته الحقيقية و ضعف مساهمته في الناتج الداخلي الخام لذا ينبغي على المؤسسات الصناعية بما فيها المؤ ص م و التي تشكل اليوم العامل الاساسي للتطوير الصناعي ان تتعاون فيما بينها بانسجام حتى تحقق طاقة تنافسية شاملة , فالتنافسية في الوقت الراهن تعكس الأداء الاق للمؤسسات كما أصبحت هي المؤثرة في الأداء المتميز لكل دولة و تحديد نجاعة و فعالية خطتها الاق و بناء عليه فالجزائر مطالبة اليوم بالسعي نحو تحسين تنافسيتها مما يؤدي الى تحسين أداء مؤسساتها و أداء نشاطها الاق و ذلك من خلال تعظيم مؤشرات التنافسية الدولية المذكورة سالفا و التي أصبحت هي التي تشكل السياسات الاق الدولية و المحلية و توجيه قرارات الاستثمار عالميا و سواء كانت هذه المؤشرات رئيسية أم فرعية .